فصل: المقالة الثالثة: أورام الكبد وتفرق اتصالها:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: القانون (نسخة منقحة)



.المقالة الثالثة: أورام الكبد وتفرق اتصالها:

.فصل في قول كلي في أورام الكبد وما يليها:

الأورام الحادثة في نواحي الكبد منها ما يحدث في نفس الكبد ومنها ما يحدث في العضلات الموضوعة عليها ومنها ما يحدث في الماساريقا. والذي يحدث في نفس الكبد فمنه ما يحدث في أجزائها العالية وإلى الجانب المحدب ومنه ما يحدث في أجزائها السافلة وإلى الجانب المقعر ومنها ما يحدث في حجبها وأغشيتها وفي عروقها.
وهذا القسم في الأقلّ وربما عم الورم أصنافاً من أجزائها ثم الورم نفسه لا يخلو إما أن يكون فلغمونيا دبيلة وغير دبيلة أو صفراوياً أو بلغمياً أو صلباً سرطانياً وغير سرطاني وإما نفخة ريحية.
وأسباب ذلك مزاج حار مع حميات منهكة أو بغير حميات أو مزاج بارد يمنع الهضم والدفع أو ضعف في المعدة أو سدة تجمع الأخلاط ثم تنفذها في أجزاء الكبد تنفيذاً غير طبيعي.
والصفراء أيضاً نحو ذلك من أسباب هذه السدة وإذا كانت السدة إلى جانب المرارة جعلت الدم يغلي ويتشرب في أجزاء الكبد تشرباً غير طبيعي لكثرة المرار.
وبالجملة فإن كثرة المرار إحدى أسباب ورم الكبد الحار وربما كان لمشاركة المعدة فيفسد الهضم والأغذية المسخنة والغليظة والتي لا تنهضم جيداً معينة على حدوث الأورام في الكبد وكذلك إذا كانت الكبد شديدة الجذب فتجذب فوق الذي ينبغي ويتبعه مما حقه أن يندفع شيء صالح فيهيئ الورم وقد يحدث لضربة أو وثى وكل ورم.
في الكبد متخزّن فإنه إن كان من جانب التحديب كان بحرانه بعرق أو إدرار أو رعاف.
وإن كان من جانب التقعير فبحرانه بعرق أو قيء أو إسهال.
والورم الذي في الحدبة أردأ من الذي عند التقعير وكل ورم يحصل في الكبد حار أو بارد فإنه بما يسد لا يخلي إلى البدن إلا دماً مائياً ومع ذلك يضعف الكبد عن تمييز المائية ومع ذلك فيحتبس كثيراً من المائية في الماساريقا.
وهذه هي سبب الاستسقاء اللحمي والزقي وإذا انتقل الورم الحار من الكبد إلى الطحال فهو سليم وإذا انتقل من الطحال إلى الكبد فهو رديء.
العلامات الكلية لأورام الكبد بالمشاركة: أما العلامات العامة فأن يجد العليل ثقلاً تحت الشراسيف لازماً ويجد هناك وجعاً يشتدّ أحياناً لا كما في السدد فإنها لا تخلو عن وجع قوي وتتغير معه السحنة لا كما في النفخة فلا تتغير ويكون معه انجذاب الترقوة إلى أسفل في كثير من الأوقات ليس دائماً وإنما يكون هذا الانجذاب لتمدد الأجوف والمعاليق ولا يعرض في أورام الكبد الحارة وغيرها ضربان لأن الشريانات تتفرق في غشائها ولا ثقل فيها إلا بقدر غير محسوس وقد يشارك أضلاع الخلف أوجاع الكبد وأورامها العالية والصاعدة وإن لم يكن مشاركة دائمة.
وأصحاب أورام الكبد وخصوصاً الأورام الحارة والعظيمة لا يقدرون أن يناموا على الجانب الأيمن ويثقل أيضاً عليهم النوم على الجانب الأيسر لتمدد الورم إلى أسفل بل أكثر ميلهم إلى النوم المستلقي.
فإن كان الورم في جانب الحدبة وجد الثفل هناك وأحسَ بامتداد عند المعاليق ووقع الحس على الورم وقوعاً أظهر وخصوصاً في القضيف وحدث سعال يابس ضيق نفس وخصوصاً إذا تنفس بقوة لمشاركة الحجاب والرئة إياها في الأذى ويقل بول وربما احتبس أصلاً إذا كان الورم عظيماً لما يحدث من السدّة في الجانب المحدب ومن ضعف الدافعة والثقل فيه أكثر مما في الكائن عند التقعير لأن جانب التقعير يعتمد على المعدة ويكون الثقل أكثر وانجذاب الترقوة إلى أسفل من اليمين أقل وخصوصاً فيمن كانت حدبة كبده غير شديدة الالتصاق والملاقاة للأضلاع.
وأما انجذاب الترقوة إلى أسفل ومشاركة الترقوة في وجع الكبد فهو في متصل الكبد ويقل الفواق في الحدبي ويكثر في التقعيري لبعد الحدبة عن فم المعدة.
وأما إذا كان الورم في التقعير والجانب الأسفل كان الثقل أقل لاعتماده على المعدة ولم يكن سعال وضيف نفس يعتد به ولم يقع تحت المس وقوعاً يعتدّ به ولكن كان الوجع أشدّ للمزاحمة الكائنة هناك وخصوصاً إذا جذبت المراق.
وإذا كانت أورام الكبد عظيمة مال الطبع إلى الاستلقاء عن الاضطجاع فإن أفرط تعذر الاستلقاء عن الاضطجاع أيضاً.
وأورام الجانب المقعر يستصحب أورام الماساريقا كثيراً.
وبالجملة إذا كان الورم في الجانب المقعر كانت المعدة أشدّ مشاركة فيظهر الفواق والغثيان والعطش إن كان الورم حاراً.
زعم بعضهم أن المشاركة بينهما بعصبة رقيقة تصل بين الكبد وبين فمّ المعدة فلذلك يحدث الفواق وقال بعضهم: لا يحدث الفواق إلا عند ورم عظيم بضغط فم المعدة ويرى جالينوس أن السبب فيه ما ينصب إلى المعدة في فمها من الورم الحار من خلط حاد.
وبالجملة أن الفواق عند الجماعة لا يظهر إلا عن ورم عظيم لأن المسافة بعيدة بين الكبد وفمّ المعدة وإن كانت عصبة يتشاركان فيها وتصل بينها فهي رقيقة جداً.
وبالجملة ما لم يكن ورم عظيم لم يكن بين الكبد والمعدة مشاركة في أكثر الأمر.
والكائن من أورام الكبد بقرب الأغشية والعروق أشد وجعاً وأضعف حمّى إن كان حاراً وإذا كان الورم في الجانبين جميعاً ظهرت العلامات التي للجانبين وربما شارك جانب جانباً إلى حدّ غير كثير وقد يؤدي جميع أصناف أورام الكبد الحارة والباردة إلى الاستسقاء واعلم أن ورم الكبد إذا قارنه إسهال فهو مهلك.

.فصل في فروق الكبد وورم العضلات الموضوعة عليه في المراق:

يعرف الفرق بينهما من جهة الوضع ومن جهة الشكل ومن جهة الأعراض. أما من جهة الوضع فلأن ورم العضل يظهر دائماً وورم الكبد قد لا يظهر وخصوصاً التقعيري وفي السمين اللهم إلا أن يكون آمراً متفاقماً.
والعضل وضعه إما في عرض أو في طول أو في وراب يأخذ أحد العضلة.
وقد دللنا عليه في التشريح.
وأما في الشكل فإن شكل ما يظهر من أورام الكبد هلالي بحسب وضع الكبد يحسّ بفصل انقطاعه المشترك.
وأما العضلي فهو مستطيل أحد طرفيه غليظ والآخر رقيق وكأنه ذنب الفارة ولذلك لا يحصل بفصل انقطاعه المشترك بل تراه طويلاً يلطف في طوله قليلاً قليلاً وربما لم ينل منه إلا شيئاً في الغور مستطيلاً إذا كان في العضل الغائرة الموربة وهو أشبه بأورام الكبد.
وأما من جهة الأعراض فإن الأعراض الخاصية والمشاركة التي تعرض للأورام التي في الكبد لا يكون منها في أورام العضل شيء يعتدّ به وإذا رأيت المراق يبادر إلى القحل واليبوسة فاحدس أن الورم كبدي.

.فصل في الورم الحار:

أسبابه من جملة أسباب الورم ما فيه حرارة.
وأما علاماته فالعلامة المذكورة للأورام الجامعة والتي في بعض الأجزاء ويكون هناك حمّى حادة إذا كان الورم في اللحمية ويشتدّ العطش وتقل الشهوة ويحدث الفواق والغثيان وقيء الصفراء أولاً ثم الزنجاري والكرّاثي ثم السوداء ويحدث برد الأطراف واسوداد اللسان والغشي كل ذلك خصوصاً إذا كان الوَرم تقعيرياً ويكون سوء تنفس وألم يمتد إلى خلف وإلى الترقوة ولذع وخصوصاً إذا كان الورم في الحدبة.
وإذا كان في التقعير فإنه يؤثر في أمر التنفس إذا استنشق هواء كثير جداً بتمديد الورم للحجاب وضغطه إياه وضايق الاستنشاق وربما أحدث سعالاً.
ويعرضَ للسان كيف كان اصفرار واحمرار شديد ثم يضرب إلى السواد ثم يتغير لون البدن كله خصوصاً إذا كان الورم في الحدبة.
وإذا كانت القوة قوية وخصوصاً قوة المعدة خصوصاً والورم في التقعير استمسكت الطبيعة وإن كانت القوة في البدن والمعدة ضعيفة استسهلت الطبيعة.
قال أبقراط: البراز الخاثر الأسود في أول المرض الحار دليل على أن في الكبد ورماً حاراً عظيماً.
هذا ويكون النبض موجياً عظيماً متواتراً سريعاً.
والورم الحار إما أن يتحلل فتبطل أعراضه وإما أن يجمع فتكون معه علامات الدبيلة وسنذكرها.
وإما أن تصلب فينتقل أيضاً إلى علامات الورم الصلب وتبطل علامات الحار.
وأكثر سبب انتقاله إلى الصلابة الإفراط في التبريد والتقبض واستعمال المغلظات في الورم الحار.
والفرق بينه وبين ذات الجنب أن السعال لا يعقب نفثاً وأن الوجع يكون في اليمين وثقيلاً ولون اللسان ولون البدن يتغير معه والنبض لا يكون منشارياً جداً ويتناول إن باليد كان عند الحدبة ويدلّ عليه تكلف النفس العظيم والاستنشاق الكثير إن كان في المقعر لضغط الورم الحجاب وتمديده إياه وربما هاج حينئذ سعال وبحران وبحران أورام الكبد الحارة الحديبة.
وأورام عضلها أيضاً الحارة يكون برعاف وخصوصاً من الأيمن أو بعرق أو بول محمودين والتقعيرية تكون بعرق أو اختلاف مراري أو قيء.

.فصل في الماشرا الكبدي:

الثقل في الماشرا أقلّ واللهيب واللذع واسوداد اللسان وانصباغ البول الشديد أكثر ويكون اللون إلى صفرة ويكون نوائب اشتداد الحمى غباً ويكون انتفاعه بالبارد الرطب أشدّ والنبض أصلب وأشبه بالمنشاري منه بالموجي الصرف وأصغر وأشد تواتراً وسرعة وأنت تعرف جميع ذلك.

.فصل في الفلغموني:

يدل عليه علامات الورم الحار وبمخالفة ما نسبناه إلى الماشرا في الخواص وحمرة الوجه ودرور العروق.

.فصل في الأورام الباردة في الكبد:

هذه الأورام يكون فيها ثقل ولكن لا يكون فيها عطش ولا حمى ولا سواد لسان وثقل ويحس معه في المعدة بشبه تشنج ويدل عليه السن والتدبير والمزاج واللون على ما سلف منا بيان ذلك.

.فصل في الورم البلغمي:

يدل عليه تهيح الجلد ورصاصية اللون وأن لا يحس بصلابة وشدة لين النبض مع سائر علامات الورم البارد المذكور وأنت تعلم جميع ذلك.

.فصل في الورم الصلب والسرطاني:

أكثر ما يحدث يحدث عن ورم تقدمه وقد يحدث ابتداء وقد يحدث عن ضربة فيبادر إلى الصلابة ويدلّ عليه المسّ فيمن ينال المس ناحية كبده.
ولولا مبادرة الاستسقاء إلى صاحبه لظهر للحس ظهوراً جيداً فإن المراق تهزل معه وتضعف فيشاهد ورم هلالي من غير وجع يعقل بل ربما آذى عند ابتداء تناول الطعام وخف عند الجوع وهو طريق إلى الاستسقاء.
وقد يدل عليه شدة الثقل جداً بلا حمى وهزال البدن وسقوط الشهوة وكمودة اللون وأن يقل البول وربما أعقب الأعراض الورم الحار فإنها إذا زالت ولم يبق إلا الثقل وازداد لذلك عسر النفس دل على أن الورم الحار صلب.
وعسر النفس والثقل بلا حمى يشتركان للصلب والسدد ويفترقان بسائر ما قيل ويتبعه الاستسقاء خصوصاً اللحمي لضعف تميز المائية إلا الرشح الرقيق منه فيجري المائية في الدم في الأعضاء ويحدث اللحمي والتهيج.
والكثيف عن المائية قد يصير أيضاً إلى فضاء البطن على ما نذكره في باب الاستسقاء فيكون الزقيّ ويهلكون في أكثر الأمر بانحلال الطبيعة لانسداد المسالك إلى الكبد فتنحل قواهم وهؤلاء لا يعالجون إلا في الابتداء.
وربما نجع العلاج.
وإذا طالت العلة لم ينفع العلا فإن كان الصلب سرطانياً كان هناك إحساس بالوجع أشد وكان إحداث الآفة في اللون وفي الشهوة وغير ذلك أكثر وربما أحدث فواقاً وغثياناً بلا حمّى وإن لم يحس بالوجع كان في طريق إماتة العضو واعلم أن الكبد سريعة الانسداد والتحجّر وخصوصاً إذا استعملت المغلظة والمقبضة في الورم الحار استعمالاً مفرطاً.